في حياة كلّ إنسان مراحل طبيعية والمرأة بنوع خاص كالأرض, تنتقل من فصل
إلى فصل دون أي فصل بل تستمر بالصعود إلى اللامحدود...
إن النمو الجنسي يبدأ مع المراهقة من عمر الثالثة عشرة حتى الاثنين والأربعين
حيث تتوقف الهرمونات الدافعة والمسيرة للطاقة الجنسية... هذا لا يعني أن
الجمال تجمد وتجعد بل ازداد جمالا لأن النمو والسمو الروحي يتعدى العدد, ولكن
إنسان اليوم لا يعرف سر هذه الجلوة من العمر وتعتقد المرأة بأنها تقاعدت
وتعّقدت وتذهب إلى عمليات التجميل وبنوع خاص لشد الوجه إلى الوراء لتوهم
نفسها بأنها لا تزال كما كانت من قبل... لأن أجمل عشرين سنة في عمر المرأة
هو بين الثمانية والثلاثين والأربعين...
ذهبت امرأة إلى جراح التجميل وطلبت منه عملية شد الوجه لكنه كان صادقًا معها
حيث قال لها بأنها ليست بحاجة إلى هذه المحنة إنه جمال العمر... ولكنها أصرت
وسألته عن الثمن فقال لها عشرة ألاف دولار... استغربت واستغلت السعر وطلبت
منه رأي أرخص وإذا به يقترح فكرة أسهل وأسرع حيث قال لها... نعم يمكنك أن
تشتري حجابًا أو برقعًا...
هذه هي مشكلة المرأة الغربية بنوع خاص على عكس المرأة الشرقية التي قبلت
نفسها كما هي بكلّ رضى وترحيب وتناغمت مع الطبيعة, بينما الغربية ترفض
نفسها على الأرض وتغير في طبيعتها حيث لا فصول ولا مواسم ولا تغيير ولا
تبديل بل الربيع الدائم رغم هطول المطر والثلج والبرد والعواصف, ولكن الحياة
الداخلية لا علاقة لها بالحياة الطبيعة لذلك لا عائلة ولا انسجام ولا تناغم حتى مع
الجسم ومع النفس... انفصلت المرأة عن ذاتها وكذلك الإنسان الغربي بشكل عام,
واليوم وللأسف بفضل الفضائيات أصيبت جميع الطبقات بهذه الأمراض الفكرية
والنفسية حول العالم... من مّنا يقبل ويستقبل الشيخوخة؟ حتى الأواني القديمة غير
مرغوب بها, والمنازل التاريخية وكلّ تاريخنا أصبح في خبر كان ياما كان,
والأهم هو إنسان هذا الزمان... قديمًا كان الإنسان يموت أو يستودع الوديعة في
بيته مع أهله وأما اليوم إما في بيوت الموت أو في دور العجزة أو في زاوية حيث
لا موت ولا حياة بل رحمة الرحمان...
من مّنا يحب المسن أو يقبل أن يعيش مع المسن؟ ما معنى العجوز؟ ما هو العجز؟
لماذا نقبل العجز المادي ولا نقبل العجز الجسدي؟ وعندما نقول عاجز جسديًا
نقصد أو نفهم بالعجز الجنسي... الإنسان أصبح وسيلة جنسية... هذا هو السبب
الأساسي لعمر اليأس عند المرأة وعند الرجل... الجنس يحدد عمر الإنسان... ولا
أحد يود أن يعجز خوفًا من العجز الجنسي لا الحيوي, لذلك عندما نصل إلى عمر
التحول والانتقال من طور إلى طور نواجه ظاهرة غريبة على مر العمر، شاهد
نور الشمعة دقائق قبل أن تنطفئ أي بأخر لحظات من عمرها, فجأة تنتفض بنور
أقوى وأكبر وتموت... وكذلك الإنسان يتصارع مع الموت حتى أخر نفس,
ويرفضه ولكن لا مفر من هذا المقر... حتى العلم يعترف ويقر بأن الإنسان قبل
أن يفارق الحياة ببضع دقائق, يسترجع قوته ونشاطه وعزمه للحياة ويسترجع
الصحة وتختفي العوارض المرضية, ولكن الح ّ ق أقوى وتعود النفس راضية
مرضية إلى ربها بعد أن جاهدت بكلّ قوتها, ولكن الطبيعة أخذت مجراها إلى
حجرتها الدائمة مع الحي الدائم...
هذه المرحلة تمر بها الحياة الجسدية في جميع الكائنات الحية. عندما ينفصل
الجنس عن حياة الجسد نفكر به أكثر وأكثر وفجأة نبدأ بالجهد وبذل جميع ما نملك
في سبيل استرجاع هذه النعمة التي أصبحت همنا الوحيد وشغلنا الشاغل, ومن أين
سنعود بها أيها الفكر وأيها المنطق وأين تباع الوسائل التي تعيد لنا هذه الطاقة
المفقودة ونذهب إلى علماء النفس والجسد والجنس أمثال العالم فرويد وأتباعه,
ونغوص في اللاوعي وفي طبقات الكبت والقمع ومن يستطيع من يحيي الأموات؟؟
إنها مجرد هرمونات ميتة ولا شفاء للأموات... الطبيعة لا تعود إلى الوراء...
الخريف لا يعود إلى الربيع وللأسف هذا ما يفعله علم اليوم... تجميد وتجليد
الطعام والجسم. حولنا الطبيعة إلى سلعة لخدمة جسدنا الذي هو سيد السلع,
ولصالح من أيها الإنسان؟ لصالح مصانع السلاح!!! السلاح علينا والسم علينا,
ومن أين سيأتي السلام طالما كلنا نيام ولا نحلم إ ّ لا بالجنس القوام وأين أنت أيها
الرجل القوام وأنتِ أيتها المرأة يا سيدة نساء العالمين... ويا سيدة الجّنة في
الأرض وفي السماء... الآن هو زمان الصحوة من هذه الغفوة...
أنا لا أتفق مع علماء النفس بل مع علماء الدين والبدن، إن هذه الحالة هي انتقال
من حالة الجهد إلى حالة المشاهدة ومن العنف إلى اللطف, وعندما يدخل الإدراك
يمحو الارتباك ويغمر هذا التغيير بطور من النور وهذه مرحلة انتقال إلى حال من
السمو والنمو النفسي والروحي...
إن الجنس لمحة صبيانية من عمر الإنسان وعندما ندخل في مرحلة النضوج
نتخطى التسلط الجنسي على النفس وعلى الجسد وهذه ليست مشكلة تستعدي الحل,
بل هي دعوة إلى الاحتفال باختراق العقل... المرأة الشرقية تستقبل الشيخوخة بكلّ
فخر وتكريم لأنها نعمة الحكمة والجلاء من بلاء الفكر الشيطاني المادي. وها هي
الآن تربعت على عرش السماء للمشاركة بنشر السلام والإدراك ولكن المرأة
الغربية لا تزال تعيش تحت وطأة الأوهام والتضليل والخداع لإحياء النزاع بين
الناس وفي الأمم... والسبب الأساسي لهذه النزعة هو الإعتقاد بأن لا حياة بعد هذه
الحياة, وهذا هو الخوف الرئيسي الذي يترأس في رؤوس الغرب حيث لا ولادة
بعد هذا الموت, وأين هو هذا الجنس الذي فقدناه وكيف نسترجعه؟ من الذي سيقول
لي كم أنت جميلة يا حبيبتي؟ وسأحبك الى لأبد يا أجمل امرأة في حياتي!! هذه
العواطف تتحكم بحياة أهل الغرب وطالما نعتقد بأن العمر هو على هذا الممر لا
غير, فإذًا همنا الوحيد هو الجنس الذي يحيي ويميت وكلنا في سبيل هذا البدن
الذي يحيي هذا الحق الحي... عالم الغرب هو عالم العلم لخدمة نزوات وشهوات
الجنس. وأصبحت المرأة سلعة للعضو الذكوري الذي يتحكم ويتسلط برجل
الأعمال والمال ويدور في هذا العالم ليخدم سيد النكاح... خليفة الله أصبح سلعة
لخدمة الشهوة. شهوة الجنس المدنَّس وليس الجنس المقدس... والسبب نختصره
في هذه الخطوات...
الأولى: وهم الحياة المحدودة في هذه الفترة الفاترة في هذه الرحلة العابرة...
والثانية: أن علماء النفس وغيرهم من الخبراء في العلاج ابتكروا وهمًا أخرًا, وهو
بأن الجنس يوازي الحياة ومرادف لها, أي كلما كنت قويًا جنسيًا ستكون أقوى من
حيث الحيوية في الحياة... أي الجنس هو مصدر الحياة وهو خرطوشة أو بطارية
جسدك وسبب وجودك, أي لا وجود لك بدون وجود الجنس في جسدك وفكرك
وروحك... أنت بندقية والجنس خرطوشة!
مسدس ورصاصة... بارودة وبارود... هذا هو رأي العلم الغربي, ولكن الحقيقة
ليست في العقل الغربي بل في القلب البدوي الذي يعيش حياة الفطرة مع
الطبيعة... وإ ّ لا ما نفع الحياة التي تنتهي بالجنس؟؟ وماذا يفعل إنسان اليوم ليعيش؟
يذهب إلى جميع الوسائل الجراحية لتجميل الجسد ولتقوية العضل والعضو ويعتمد
على طرق غريبة وغير مألوفة كلها تافهة وسخيفة ومروعة ومخيفة وعار
ومستعار من الشعر إلى الشعور وحتى الأزياء التي تستفز النظر وتثير
المشاعر... المرأة الغربية تموت من الجوع بسبب خدعة الرجيم للمحافظة على
جمال هذا الجسم النحيف والنحيل الخالي من الدهون, لمداهنة رجال الأعمال حيث
الشد والمد إلى المال وهذا هو مصدر الجمال... ولكن الطبيعة تؤكد لنا العكس
حيث تقول للمرأة وللأم بنوع خاص بأن الدهون ضرورية لحضن الأم لأنه هو
الحرارة لتدفئة الطفل من عمر الجنين إلى عمر البلوغ والحنين... راقب المرأة
الحامل لماذا تشعر بالغثيان ولا تستطيع أن تأكل؟ لماذا تستفرغ؟ إنها بحاجة إلى
الدهون لتغذية وتنمية الجنين... إن النمو في الرحم أسرع من النمو في تسعين سنة
خارج الرحم, ويحتاج إلى الدهون لتدفئة الأم وطفلها وتغذية الجسدان معًا... هنا
في رحم الأم يمر الجنين من مملكة الماء إلى مملكة النبات والحيوان والهواء
والفضاء... هذه هي أسرار التطور البشري والإنساني وكلّ حاجاته تكتمل في
الرحم مع أمه, فإذا لم تتمكن من التغذية المطلوبة من المستحيل أن نستقبل أي
طفل سليم إن لم تكن العلاقة سليمة... والعقل السليم في الجسم السليم أي جسم الأم
ومعها جسم الطفل, ومن الجسم السليم يأتي العقل السليم وأين هو هذا العقل
السليم... رحم الله الرحم السليم!!! وإذا فشلت الأم في هذه الرسالة فهل هنالك أي
رجل يستطيع من يقوم بهذا الدور المقدس؟؟ لذلك نرى عالم اليوم يعتمد العلم الذي
سيلد أطفال الغد دون اللجوء إلى الأهل أو إلى أي رحم أو أي رحمة... ولكن
مهما كان العلم واسعًا وعليمًا فهو محدودًا وقليلا...